ولعل الجمال كله في هذه الأيام لمن اختاره الله تعالى ليكون في وفادته، أو اصطفاه من خلقه ليكون خادماً لضيوفه. إنها مشاعر الحنين والشوق لأجواء الحج الأثيرة إلى قلبي التي اعتدت أن أعيش في أجوائها سابقاً في أعوام عديدة مضت، وحرمنا منها في أجواء كورونا، وقدر الله تعالى أن لا يكتب لي أن أكون ضمن ركب الحجيج لأمر اختاره الله تعالى لأواصل رحلة المسير بخطوات النفع والأثر الجميل، فالأجر يُحصد بالإخلاص وصدق النوايا وغاية الأثر. في مثل هذه الأيام تحديداً تطير الروح شوقاً لترتقي في مدارج الإيمان هناك في أطهر البقاع لتظفر بعطايا الرحمن.
لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك.. تتلذذ حينها بخدمة ضيوف الرحمن وتجديد الإيمان وتطهير النفس من شوائب الحياة.. تتهيأ النفس للوقوف على صعيد عرفات، في يوم يدنو فيه المولى عز وجل من أهل الموقف ويباهي بهم ملائكته: «انظروا إلى عبادي.. أتوني شعثاً غبراً يرجون رحمتي أشهدكم أني قد غفرت لهم». يا الله ما أفخمه من يوم تقشعر منه الأبدان في يوم العتق من النار، ترجو الله تعالى أن تكون فيه من أولئك النفر الذين فازوا بالعتق من النار. شعور لا يوصف في يوم جميل، وفي أيام جليلة عظيمة الأجر تستظل بظلها في مساحات مكة وفي يوم عرفة تحديداً. ويزداد الوصف جمالاً عندما تكون في ركب خدمة ضيوف الرحمن وسط هذا المنظر المهيب، تعيشه بكل مشاعرك، وتتجدد في نفسك كل معاني الخير التي تعودت أن تكون لك رحلة الحج تجديداً لها وسنداً لخطوات الحياة.
عذراً مكة، وعذراً لصعيد عرفات.. فلعل من الخير الذي اختاره المولى أن أتلذذ هنا بهذه المشاعر، وأستشعر أثرها في طاعة المولى والتقرب إليه في أجمل «غيث منهمر» لغيوم الأجر الماطرة في عشر قطرات ساكنات عظيمة الأجر. نداء تصدح به حناجر المحبين للخير، أن هلموا إلى خير أجمل الأيام، واستثمروا كل لحظة فيها بالعبادة والطاعة، فهي رحلة أخرى متجددة من حياتنا، وهي السكينة والطمأنينة ووقفة التأمل التي حان وقت قطاف ثمراتها، فكنت أنت الذي اختاره المولى عز وجل لإيقاظ تلك السواكن المنسية في نفسك، وإعادة إحيائها لتطمئن وتتجهز لتجمل حياتها بما يعينها على الثبات على طريق الخير.
ومضة أمل
اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارضَ عنا.
Source link